23.11.12

ماذا يعني أن تكون فلسطينيًا تعيش في دولة يهود !!


ماذا يعني أن تكون فلسطينيًا تعيش في دولة يهود !!

عندما بدأت أكبر وأفهم ما يجري من حولي.. لم تصادفني مواقف عنصرية أو أتعرض لما يدعوني للتفكير بوضعي كأقلية عربية تعيش في فلسطين المحتلة مع 7 مليون يهودي !
وعند بداية تعليمي الأكاديمي قبل 5 سنوات لم اضطر للتعامل المباشر مع المحيط اليهودي سوى في بعض المعاملات الرسمية العامة أو اليومية في شراء حاجياتي.. لم اضطر لذلك لأنني تعلمت في أكاديمية عربية.. 

لم أشعر بالغربة التي أشعر بها الآن!
 لقد بدأت بتعلم لقب جديد في مدينة حيفا .. وفي كلية يهودية!
بدأت باستعشار اختلاف التجربة عن ما عشته في اللقب السابق في المحيط العربي!!
أولا أنا المحجبة الوحيدة في الكلية.. ناهيك عن ان عدد الطلاب العرب بشكل عام ضئيل .. ربما لأن السبب يعود الى انها كلية فنية واتجاه ميول الطلاب العرب بشكل عام علمي أو أدبي ولكن ليس فني بكل تأكيد.. أو ربما لأن اجرة التعليم في كلية خاصة كهذه أعلى منها في جامعات أو كليات يدعمها مركز التعليم العالي, لا أدري , ولكن من هنا بدأ الاختلاف.. .حيث ان كليتي السابقة لم تكن عربية فحسب بل كانت بصبغة اسلامية كذلك ! وكانت الفتيات الغير محجبات هن الأقلية هناك ! 

ومع الأيام .. بدأت أشعر بالفجوة في التفكير والثقافة بيني وبين الطلاب أو المحاضرين .. فحتى الرسم والفن لديه طابع يهودي في كليتي ! فالمحاضرة مثلا تستطيع أن تفهم ما يعبر عنه أحد الطلاب من مشاعر عن طريق الرسم .. ببساطة بمجرد أن يرسم شيئا من محيطه اليهودي.. حتى أشكال الأشخاص في رسوماتهم تختلف! حتى الحيوانات في رسوماتهم تختلف ! أشكال الحياة وأساليبها.. تستطيع المحاضرة والطلاب اليهود أن يرتبطوا مع الرسمة ... وأنا لا ! لأنها بعيدة كل البعد عن واقعي وحياتي !

قضيت معظم وقتي في حل وظائفي أو في قراءة كتاب .. ورغم أنني لست شخصية اجتماعية جدا .. الا أنني شعرت بالوحدة والغربة فعلا !  يا للمفارقة ! في كليتي السابقة كنت لا أكف عن الكلام والمشاركة والتعبير ووو .. وهنا يكاد ريقي يجف من كثرة الصمت !!

مع الوقت بدأت تنشأ علاقة سطحية بيني وبين احدى الفتيات اليهوديات.. عادي مجرد مشاركة صعوبات في الرسم أو حل وظيفة معينة! ولكن الضغينة والحقد شئ يتشرّبه هذا الشعب مع الحليب في الطفولة.. العنصرية والكراهية أمر مجبول فيهم !
مع تزامن الأحداث الأخيرة على غزة تراهم جميعا يصبحون "فاهمين سياسة" وتصبح جميع أحاديثهم متعلقة بالحرب على غزة وشتائم على الغزاويين والفلسطينين والعرب ! ودعاوى لإبادة جماعية لكل العرب وأنه ما قتل من الفلسطيني لا يكفي! وأنه يجب على العرب أن يرحلوا من هذه الأرض !!!
وهذه الفتاة التي "ما لبثت" أن بدأت تنشأ بيننا علاقة سطحية... كشّرت عن أنيابها كغيرها من اليهود.. ولم تعد تتحدث الي.. ربما لأنني عربية مثلا؟ أو ربما لأنني اتضامن بصمت وأتعاطف مع الفلسطينيين في غزة؟ 

بدأت أشعر بالغربة في وطني! ربما تأخرت ... ولكني أشعرها بقوة الآن !!

 شاء الله لنا أن نكون غرباء في اوطاننا ..

( من على سطح الكلية - منظر لحيفا من تصويري ) 

 آه يا حيفا
كلما أنظر اليك يملؤني الحنين لزمنٍ مضى.. زمن لم اعشه ولكنني سمعت عنه.. زمن مليء بالحب فيكِ.. في بحرك وهوائك .. سمائك ونسماتك يا حيفا ! صرت أشعر بالغربة فيك يا وطني.. فأنا بين المطرقة والسندان .. لا يحق لي التعبير عن موقفي وتضامني مع الفلسطينيين لأنني سأعتبر ارهابية وأشكل خطرا على أمن الدولة! ولا أعرف كيف أمزج بين مشاعري المختلطة في كره هذه الحكومة وهذا النظام الجائر بحق كل ما هو فلسطيني وبين حاجتي للاندماج في بيئة لا تناسبني وحياة لم أخترها !!

أنا بين اثنتين كلتاهما النارُ .. يا وطني :( 



هناك 3 تعليقات:

  1. كان الله في عونك
    لا تحزني انت في وطنك
    وهم الغرباء وهم حتماً الى زوال
    ***
    لا ادر لم
    كنا قديما نظن ان عرب 48 باعوا قضيتهم
    واستمرأوا العيش في الكيان الغاصب
    لم نكن ندرك ان بقاءكم في فلسطين
    كان هو الخيار الافضل وانكم ملح هذه الارض والشاهد الاسهل على انها عربية وان سكانها الجدد مغتصبون
    نعم ظلمناكم لا اعلم لما رغم ان البديهي الا يترك احد ارضه لمحتل
    ظلمناكم ربما لاننا لم نكن نعلم عنكم شيء
    لكن الان وبعد ثورة الاتصالات
    اصبحتم منا اقرب وشعرنا بكم وبآلامكم
    لا تحزني واعلمي ان الغربة بين الاهل اصعب بكثير
    واعلمي ان كثير ممن يعيشون في اوطانهم بين اهليهم
    لا يعرفون معنى كلمة وطن

    ردحذف
  2. شكرا لك ولكلماتك

    هذا ما اختاره الله لي وللكثيرين غيري.. سأحاول أن استجمع قواي من جديد.. من السهل الهروب والهجرة الى بلد أخرى! واحيانا كثيرة تراودني هذه الفكرة.. الا أنني أعلم أنه لن تحتوني أي أرض ولن يضمني أي وطن.. وعبثًا سأحاول الهروب من واقعٍ مرٍ..

    لن أحزن.. ولكنني أحتاج الى الوقت لأعتاد على الشعور بالاغتراب..

    أسعدني مرورك جدا..
    أشكر لك دعمك :)

    ردحذف
  3. لم أفكر كثيرًا في العرب الذين يعيشون هكذا،
    ظننتهم دائما منفصلين، فلسطين هكذا مقسمة قسم عربي وآخر يهودي!
    شكرًا لأنك جعلتِني أفكر، أتأمل، أحزن، وأفرح أيضًا!
    أفرح لأنكم مازلتم أقوياء، وأفرح لأجل ما ذكره صاحب التعليق mhsn من أنكم ملح الأرض والشاهد على أنها عربية.

    غربة لأجل وطن .. ستهون بالتأكيد
    ودي واحترامي

    ردحذف

ضع بصمتك . .