تذكّرني هذه الأيام وهذه الفترة بالذات بما مضى . .
خصوصًا في السنة الفائتة عندما كنت في سنتي الأخيرة من التعليم وكنت سعيدة جدًا باقترابي من النهاية.
ولكنني لم أفكّر يومًا أن للنهاية ضريبة بداية جديدة ، بداية من نوع أخر، غريب، موحش وصعب.
في هذه الفترة من العام الفائت، كنت أنا وصديقاتي في خضمّ سعادتنا عند تعبئتنا لنماذج تقديم الطلبات من أجل الألتحاق في سلك التعليم.
وأذكر جيدًا حيرتي في اختيار الخمسة مناطق القريبة من مكان سكني، التي أطلب أن أتوظف فيها كمعلمة.
حسنًا أعترف أنني كنت حالمة بعض الشئ بخصوص المستقبل، فلقد تخيّلت كل شئ على أكمله. ولم أتوقع أن صفعة كبيرة على وجههي ستهزّني هكذا.
وهذا ما حدث !
بدأت علامات تأخر التوظيف في أواخر شهر آب من العام المنصرم تظهر عندي. فصرت أسمع التحاق الطالبات الواحدة تلو الاخرى في سلك التعليم وأنا لم يتصل بي أحد. قلقت قليلاً حينها ولكني تجاهلت. لم تكن لدي أدنى فكرة عن المشكلة التي تواجهني في وزارة المعارف في لواء الشمال.
إقرأ تدوينتي عن وزارة المعارف التعبانه
فهذه السنة، ولأول مرة، تقيّد وزارة المعارف في لواء الشمال شروط التوظيف للخريج الجديد بورقة !
نعم يا جماعة ورقة عادية، ولكنها تثبت إنهائي لواجبتي في الكلية 100%. في الواقع لقد انهيت - وكل الطالبات- واجباتتنا، ولكن الكلية\ وكل الكليات الأخرى، تقوم بإخراج هذه الورقة المقدّسة في أواخر شهر تشرين الثاني 11.
وبهذا تكون جميع الأماكن الشاغرة قد مُلئت بالمعلمين ، وأبقى انا كغيري من الطالبات المنتسبات للواء الشمال ننتظر العون من السماء أو حلول السنة الدراسية القادمة.
الآن فقط أفهم شعور الخرّيجين العاطلين عن العمل الذين كنت أسمع عنهم، هنا في البلاد، أو عن البطالة في العالم ككل.
الآن فقط أشعر بمعنى العيش وصعوبته. لم تكن هذه الصدمة الأولى بحياتي من دون شك، ولكنها كانت مرهقة جدًا بالنسبة لى على الصعيد النفسي.
الأمر صعب حقًا، ألا ترون معي؟ والسخرية بالموضوع أن من أحد أسباب التحاقي بكلية إعداد المعلمين - كارهةً- كانت مسار الممتازين الذي يَعِد طلابه بنقاط أعلى من الخريجين العاديين وبالتالي فرصة توظيف أسرع.
لا أدري حقًا لماذا أكتب هذه القصة الآن . . ربما لأنني تحررت أخيرًا من قيد هذه الأفكار السوداوية التي لاحقتني في الشهور الماضية، ربما لأنني لم أعد أهتم بما يحدث اكثر، أو ربما لأنني أعتقد ان الكتابة عن الموضوع بذاته إنجاز.
المهم انني اخيرًا كتبت، لا يهم أين وكيف ولماذا، ولا يهم إذا قُرئت كلماتي أصلًا . . المهم أنني الآن وبكل فخر أقول :
أنا معلمة عاطلة عن العمل :)
والجانب المفرح في القصة أنني أتعلم الآن ما أحب، التصميم الجرافيكي، ومن يدري؟ لعلّ الله بذلك رزقني الوقت لأهبه وأسخّره في تنمية مهاراتي في هذا المجال ، وقررت أن أقف لأقول لا للبطالة وبدأت فعلًا البحث عن عمل في مجالات أخرى غير التدريس (ادعولي)